إنّها مُجرّد لُعبة ! تسَابقَت الخيلُ في الحلبةِ ففازَ حِصانٌ من بينِها، فجعلَ شابا من الحُضورِ يُكثرُ الفرحَ، ويُكبّرُ، ويُصفّقُ.. فقال له رجل إلى جانبه: هل الحِصانُ لكَ يا فتى؟ فقال: لا، ولكنّ اللجامَ لي! لا شيءَ أشبه بصَاحبِ اللجام اليومَ من جماهيرِ كُرةِ القدمِ المُتعصِّبينَ لفرقهِم.. مع فارقٍ ضئيلٍ أنَّ الذي فرحَ بفوزِ الحِصانِ كانَ له في الأمرِ لِجَام، أما هُم فليسَ لهم في الأمرِ ناقةٌ ولا جَملٌ ولا حتى «حِدْوَة»! كُرة القدمِ لُعبةٌ جميلةٌ لا شكّ، ولها جُمهورٌ عريضٌ في شتى أصْقاعِ الأرضِ، ولو كانَ بإمكان «الفيفا» أن تُقيمَ دولة سُكانها الشَّغوفينَ بكرةِ القدمِ لاحتاجتْ مساحة يابسة بحجم آسيا لتتسعَ لهم، ولكانَ «جُوزيف تسِي بلاتر» أشهر وليّ أمرٍ على هذه الأرض! للأسَفِ صارتْ كُرة القدمِ اليومَ أكثرَ من لُعبة.. تماماً، كما صار النفطُ أكثرَ من وقودٍ، وكما صارَ القمحُ أكثرَ من مادَّةٍ أوّليّة لصناعةِ الخُبز، وكما صارَ الماءُ أكثرَ من سائلٍ للشُّربِ والريِّ، وكما صارَ الذَّهبُ أكثرَ من معدنٍ للزِّينةِ.. إحدى عجائبِ البشرِ أنهم يستطيعُون تحويلَ كلّ شيءٍ إلى سلاحٍ، وأداة ضغط، ووسيلة ...